لقد خلق الله تعالى النار وجعلها مقراً لأعدائه المخالفين لأمره، وملأها من غضبه وسخطه وأودعها أنواعاً من العذاب الذي لا يطاق، وحذر عباده وبين لهم السبل المنجية منها لئلا يكون لهم حجة بعد ذلك وعلى الرغم من كل هذا التحذير من النار إلا أن البعض من الناس ممن قل علمهم وقصر نظرهم على هذه الدنيا أبو إلا المخالفة والعناد والتمرد على مولاهم ومعصيته جهلاً منهم بحق ربهم عليهم وجهلاً منهم بحقيقة النار التي توعدهم الله بها.
فما هي هذه النار؟ وما صفتها؟
يا الله!.. ما أشد هذه الصفات.. اللهم سلم..
أتعلم أخي ما هو غذاء الكافر في جهنم؟ أو لنقل.. ما هو الشيء الذي يرغم عليه الكافر للدخول إلى جوفه في جهنم؟
يأكلون من شجرة الزقوم.. ويشربون من الحميم ومن صداهم..
وما شجرة الزقوم؟
” إن شجرة الزقوم طعام الأثيم “
وفي الاسراء ” والشجرة الملعونة في القرآن “
وفي الصافات ” أذلك خير نزلاً أم شجرة الزقوم إنّا جعلناها فتنة للظالمين إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رؤوس الشياطين “
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره على آية الاسراء:
وأما الشجرة الملعونة في القرآن فهي الزقوم كما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى الجنة والنار، ورأى شجرة الزقوم فكذبوا بذلك حتى قال أبو جهل عليه لعائن الله: هاتوا تمراً وزبداً وجعل يأكل من هذا ويقول: تزقموا فلا نعلم الزقوم غير هذا .*
* فتاوى اللجنة الدائمة 4/246
قال الواحدي عن شجرة الزقوم: هو شي مر, كريه يكره أهل النار على تناوله , فهم يتزقمونه,
أي يبلعونه, بصعوبة لكراهيتها ونتـــــــنها…….
وأختلف فيها هل هي من شجر الدنيا التى يعرفها العرب أم لا …..على قولين…
القول الأول:
أ) أنها معروفـــــــة من شجر الدنيا ..
فقال قطرب: أنها شجرة
مرة توجد بتهامة , وهي من أخبث الشجر .
ب) وقال غيره بل هو كل نبات قاتـــــــــــل………
والقول التاني:
انها غير معروفة في شجر الدنيا….
قال قتادة : لما ذكر الله هذه الشجرة افتتن بها الظــــــلمة , فقالوا : كيف
تكون في النار شجرة فأنزل الله تعالى( إنا جعلناها فتنه للظالمين..)
وقيل معنى جعلها فتنه لهم : أنها محنة لهم لكونهم يعذبون بها…والمراد
بالظالمين هنا ….الكفار أو أهل المعاصي الموجبـــة للنار.
أوصاف هذه الشجــــــرة رداً على منكريها………
قال تعالى: ( إنما شجرة تخرج في أصل الجحيم )
أي في قعرها
قال الحسن أصلها في قعــــــــر الجحيم….وأغصانها ترفع إلى دركاتها..
ثم قوله عز وجل: ( طلعها كأنه رءوس الشياطيـــــــــــن)
أي ثمرها وما تحمله كأنه في تناهي قبحه وشناعته منظرة رءوس الشياطين……….
وقيل رءوس الشياطين إسم لنبات قبيح معروف باليمن يقال له الاستن….
وقيل ايضا…. في رءوس الشياطين …هو شجر خشن منتن , مــــر, منكر الصورة
يسمــــى رؤس الشياطين……….
وقال صلى الله عليه وسلم: { لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن يكون طعامه } [رواه الترمذي وقال حسن صحيح].
وقال المفسرون: إن شجرة الزقوم تحيا بلهب النار كما تحيا الشجرة ببرد الماء، فلا بد لأهل النار من أن يتحدر إليها من كان فيوقها فيأكلوا منها.
وقوله تعالى: ” هذا فليذوقوه حميم وغساق “.
وقيل الغساق: القيح الغليظ المنتن.
وذكر ابن وهب، عن عبد الله بن عمر، قال الغساق: القيح الغليظ، لو أن قطرة منه تهراق في المغرب أنتنت أهل المشرق، ولو أنها تهراق في المشرق أنتنت أهل المغرب.
وقيل: الغساق الذي لا يستطاع من شدة برده ، وهو الزمهرير.
وقال كعب: الغساق عين في جهنم يسيل إليها حمة كل ذات حمة فتستنقع، ويؤتى بالآدمي فيغمس فيها غمسة فيسقط جلده ولحمه عن العظام، فيجر لحمه في كعبيه كما يجر الرجل ثوبه. قوله ” جزاءً وفاقاً ؟ أي وفاق أعمالهم الخبيثة.
وأهل النار في عذاب دائم، لا راحة ولا نوم، ولا قرار لهم، بل من عذاب إلى عذاب قال : { إن أهون أهل النار عذاباً من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ما يرى أن أحداً أشد منه عذاباً وإنه لأهونهم عذاباً } [رواه مسلم].
وهم مع ذلك يتمنون الموت فلا يموتون! قد اسودت وجوههم، وأُعميت أبصارهم وأبكمت ألسنتهم، وقصمت ظهورهم وكسرت عظامهم يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ [المائدة:37]. كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ [النساء:56].
قال ابن مبارك: وحدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة: فذكره عن أبي أيوب عن عبدالله بن عمرو بن العاص: إن أهل جهنم يدعون مالكاً فلا يجيبهم أرعبين عاماُ ثم يرد عليهم ” إنكم ماكثون “.
لباس أهل النار
يقول الحسن: ( تنضجهم في اليوم سبعين ألف مرة ).
لباس أهلها من نار، سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ [إبراهيم:50] وشرابهم وطعامهم من نار وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ [محمد:15].
قال ابن الجوزي في وصف النار: ( هي دار خص أهلها بالبعاد، وحرموا لذة المنى والاسعاد، بُدلت وضاءة وجوههم بالسواد، وضربوا بمقامع أقوى من الأطواد، عليها ملائكة غلاظ شداد، لو رأيتهم في الحميم يسرحون وعلى الزمهرير يطرحون، فحزنُهم دائم فلا يفرحون، مقامهم دائم فلا يبرحون أبد الآباد، عليها ملائكة غلاظ شداد، توبيخهم أعظم من العذاب، تأسفهم أقوى من المصاب، يبكون على تضييع أوقات الشباب وكلما جاد البكاء زاد، عليها ملائكة غلاظ شداد، يا حسرتهم لغضب الخالق، يا محنتهم لعظم البوائق، يا فضيحتهم بين الخلائق، أين كسبهم للحطام؟ أين سعيهم في اللآثام؟ أين تتبعهم لزلات الأنام؟ كأنه أضغاث أحلام، ثم أحرقت تلك الأجساد، وكلما أحرقت تعاد، عليها ملائكة غلاظ شداد ) أ. هـ.
اللهم سلم سلم.. اللهم إنا نعوذ بك من النار ومن حرها ولهيبها ومقذفاتها وعذابها..
سلاسل أهل النار
ولا تسأل أخي عما يعانونه من ثقل السلاسل والأغلال “إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ “[غافر:71]، وقال تعالى: ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ [الحاقة:32].
أخبرنا بكار بن عبد الله أنه سمع أبي مليكة يحدث عن أبي بن كعب قال: إن حلقة من السلسلة التي قال الله : ” ذرعها سبعون ذراعاً ” إن حلقة منها مثل جميع حديد الدنيا.
سمعت سفيان يقول في قوله: ” فاسلكوه ” قال: بلغنا أنها تدخل في دبره حتى تخرج من فيه.
ويقال: إن الحلقة من غل أهل جهنم لو ألقيت على أعظم جبل في الدنيا لهدته.
أخي الحبيب..
انظر إلى تفسير قول الله تعالى: ” يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ” [الرحمن:44]
وما تحمله من معاني وكلمات تبكي لها الأعين..
تصور نفسك وقد طال فيها مكثك، فبلغت غاية الكرب، واشتد بك العطش فذكرت الشراب في الدنيا ففزعت إلى الحميم فتناولت الإناء من يد الخازن الموكل بعذابك فلما أخذته نشت كفك من تحته، وتفسخت لحرارته، ثم قربته إلى فيك فشوى وجهك، ثم تجرعته فسلخ حلقك ثم وصل إلى جوفك فقطع أمعاءك، فناديت بالويل والثبور وذكرت شراب الدنيا وبرده ولذته وتحسرت عليه، ثم آلمك الحريق فبادرت إلى حياض الحميم لتبرد فيها كما تعودت في الدنيا الاغتسال والانغماس في الماء إذا اشتد عليك الحر، فلما انغمست في الحميم تسلخ لحمك، من رأسك إلى قدميك، فبادرت إلى النار رجاء أن تكون هي أهون عليك ثم اشتد عليك حريق النار فرجعت إلى الحميم فأنت هكذا تطوف بينها وبين حميم آن وذلك مصداقاً لقول مولاك جل وعلا: “يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ” [الرحمن:44].
فتطلب الراحة بين الحميم وبين النار، فلا راحة ولا سكون أبداً.
اللهم سلم سلم.. اللهم إنا نعوذ بك من النار ومن حرها ولهيبها ومقذفاتها وعذابها..
فلما اشتد بك الكرب والعطش وبلغ منك المجهود ذكرت الجنان فهاجت غصة من فؤادك إلى حلقك أسفاً على جوار الله عز وجل وحزناً على نعيم الجنة الذي أضعته بنفسك بسبب الذنوب والمعاصي، ففزعت إلى الله بالنداء بأن يردك إلى الدنيا لتعمل صالحاً فمكث عنك دهراً طويلاً لا يجيبك هواناً بك، ثم ناداك بعد ذلك بالخيبة منه أن ” اخْسَؤُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ” [المؤمنون:108]
ثم أراد أن يزيدك إياساً وحسرة فأطبق أبواب النار عليك وعلى أعدائه فيها فيا إياسك ويا إياس سكان جهنم حين سمعوا وقع أبوابها تطبق عليهم، فعلموا عند ذلك أن الله عز وجل إنما أطبقها لئلا يخرج منها أحد أبداً، فتقطعت قلوبهم إياساً وانقطع الرجاء منهم أن لا فرج أبداً، ولا مخرج منها، ولا محيص من عذاب الله عز وجل أبداً، خلودٌ فلا موت. وعذابٌ لا زوال له عن أبدانهم، وأحزان لا تنقضي، وسقم لا يبرأ، وقيود لا تحل، وأغلال لا تفك أبداً وعطش لا يروون بعده أبداً، لا يُرحم بكاؤهم، ولا يُجاب دعاؤهم، ولا تقبل توبتهم فهم في عذاب دائم وهوان لا ينقطع، ثم يبعث الله بعد ذلك الملائكة بأطباق من نار ومسامير من نار، وعمد من نار، فتطبق عليهم بتلك الأطباق وتشد بتلك المسامير، وتمد بتلك العمد، فلا يبقى فيها خلل يدخل فيها روح ولا يخرج منه غم، وينساهم الرحمن بعد ذلك نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ [التوبة:67]
فذلك قوله تعالى: “إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ ( فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ ” [الهمزة:9،8]
ينادون الله ويدعونه ليخفف عنهم هذا العذاب فيجيبهم بعد مدة ” اخْسَؤُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ” [المؤمنون:108].
قال الحسن: ( هذا هو آخر كلام يتكلم به أهل النار وما بعد ذلك إلا الزفير والشهيق وعواء كعواء الكلاب… )،
فما أشقى والله هذه الحياة وما أشقى أصحابها - نسأل الله أن لا نكون منهم - وما أعظمها والله من خسارة لا تجبر أبداً، ويا حسرة والله على عقول تسمع بكل هذا العذاب وهذا الشقاء وتؤمن به ثم لا تبالي به ولا تهرب عنه بل تسعى اليه برضاها واختيارها. فلا حول ولا قوة الا بالله.
صفة جهنم وحرها وشدة عذابها..
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت .. ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت .. ثم أقود عليها ألف سنة فاسودت فهي مظلمة كسواد الليل “.
قال ابن مبارك: أخبرنا سفيان عن سلمان عن أبي ظبيان عن سلمان قال: ” النار سوداء لا يضيء لهبها ولا جمرها” ثم قرأ ” كلما أرادو أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها “.
وروى أبو هدبة إبراهيم قال، حدثنا أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لو أن جهنمياً من أهل جهنم أخرج كفه إلى أهل الدنيا حتى يبصروها لأحرقت الدنيا من حرها …
ولو أن خازناً من خزنة جهنم خرج إلى أهل الدنيا حتى يبصروه لما أهل الدنيا حين يبصرونه من غضب الله تعالى “
وخرّج البزار في مسنده عن أبي هريرة قال في مسنده قال: قال صلى الله عليه وسلم :” لو كان في المسجد مئة ألف أو يزيدون ثم تنفس رجل من أهل النار لأحرقهم “.
ويروى أن لهب النار يرفع أهل النار حتى يطيروا كما يطير الشرر، فإذا رفعهم أشرفوا على أهل الجنة وبينهم حجاب، فينادي أصحاب الجنة أصحاب النار ” أن قد ما وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً “
وينادي أصحاب النار أصحاب الجنة حين يروا الأنهار تطرد بينهم ” أن أفيضوا علينا من الماء ” فتردهم ملائكة العذاب بمقامع الحديد إلى قعر النار.
قال بعض المفسرين : هو معنى قول الله تعالى ” كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها “.
أخي الحبيب..
تأمل معي هذه الصــــــــــــــــــــــــــــــور التالية:
نتــــــــــــــــــــــــابع
ابن مبارك، قال: أخبرنا رجل عن منصور عن مجاهد عن يزيد بن شجرة قال: وكان معاولة بعثه على الجيوش، فلقي عدواً فرأى أصحابه فشلاً، فجمعهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:أما بعد، اذكروا نعمة الله عليكم. وذكر الحديث وفيه:
” فإنكم مكتوبون عند الله بأسمائكم وسماتكم، فإذا كان يوم القيامة قيل: يا فلان ها نورك، يا فلان لا نور لك، إن لجهنم ساحلاً كساحل البحر فيه هوام وحيات كالبخت، وعقارب كالبغال الدهم، فإذا استغاث أهل النار قالوا: الساحل!
فإذا ألقوا فيه سلطت عليهم تلك الهوام، فتأخذ شفار أعينهم وشفاههم وما شاء الله منهم، تكشطها كشطاً، فيقولون : النار! النار !
فإذا ألقوا فيها سلط الله عليهم الجرب، فيحك أحدهم جسده حتى يبدو عظمه، وإن جلد أحدهم لأربعون ذراعاً، قال: يا فلان، هل تجد هذا يؤذيك؟ فيقول: وأي شيء أشد من هذا؟ فيقال: هذا بما كنت تؤذي المؤمنين”.
أخي الحبيب..
ثم تأمل معي آثارها على البشر:
واذكر قول رسولك الكريم: { ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم }، قالوا: والله إن كانت لكافية يا رسول الله، قال: { فإنها فُضلت عليها بتسعة وستين جزءاً كلهن مثل حرها } [متفق عليه].
وسئل ابن عباس عن نار الدنيا مما خلقت؟ قال: من نار جهنم غير أنها أطفئت بالماء سبعين مرة، ولولا ذلك ما قربت، لأنها من نار جهنم.
همسه :
قوله صلى الله عليه وسلم في “ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم “.
يعني أنه لو جمع كل ما في الوجود من النار التي يوقدها ابن آدم لكانت جزءاً من جزءاً من أجزاء جهنم المذكور..
أي أنه لو جمع حطب الدنيا فأوقد كله حتى صار ناراً، لكان الجزء الواحد من أجزاء نار جهنم الذي هو من سبعين جزءاً أشد من حر نار الدنيا.. كما بين في الحديث السابق.
أخي الحبيب.. هذه تجربة نظرية فقط لمعرفة شدة عذاب جهنم.. والتي لا يعرف شدتها إلا الله..
إليك بالطريقة العملية..
أحضر - ولاعة -.. كل ما عليك فعله هو إشعالها ووضع اصبع السبابة فوقها لأطول فترة تستطيع تحملها..
ولتكن خمس ثواني مثلاً .. ولو أنه زمن طويل جداً لمثل هذه التجربة..
حين تنتهي من هذه التجربة.. أخبرني كم قضيت من الأسابيع وأنت تعالج هذا الحرق الذي أقلقك وأرقكك طوال الليل، ولم تستطع أن تهنأ بالنهار والألم يزحف إلى جسدك كله..
وهذا كله من ماذا؟
من حرق بسيط فقط في جزء صغير من جسدك..
فما بالك لو كانت النار في وجهك؟
أو في صدرك؟
وما تقول إذاً لو كانت النار تغمر جسدك غمراً!!!
وسأعيد عليك قول رسولك الحبيب : { ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم }، قالوا: والله إن كانت لكافية يا رسول الله، قال: { فإنها فُضلت عليها بتسعة وستين جزءاً كلهن مثل حرها } [متفق عليه].
اللهم سلم سلم.. اللهم إنا نعوذ بك من النار ومن حرها ولهيبها ومقذفاتها وعذابها..
فيا أخي الحبيب:
يا من تعصي الله تصور نفسك لو كنت من أهل النار؟ هل سترضى بشيء من هذا العذاب؟ لا أعتقد ذلك، إذاً فتب إلى الله وارجع عما يكرهه وتقرب إليه بالأعمال الصالحة عسى أن يرضى عنك، وابك من خشيته عسى أن يرحمك ويقيل عثراتك، فإن الخطر عظيم والبدن ضعيف، والموت منك قريب، والله جل جلاله مطلع عليك ويراك فاستح منه وأجله ولا تستخف بنظره إليك، ولا تستهين بمعصيته ولا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من تعصيه وهو الله جل جلاله وتقدست أسماؤه، واملأ قلبك من خشيته قبل أن يأخذك بغتة، ولا تتعرض له وتبارزه بالمعاصي فإنك لا طاقة لك بغضبه ولا قوة لك بعذابه، ولا صبر لك على عقابه، فتدارك نفسك قبل لقائه لعله أن يرحمك ويتجاوز عنك، فكأنك بالموت قد نزل بك وحينها لا ينفعك ندم ولا استدراك ما مضى.
واسمح لي بطرح سؤال في نهاية الموضوع:
هل تستحق شهوة ساعة هذا العذاب!!!
في حين اننا اخذنا في عين اعتبارنا أطول مدة للشهوة وهي ساعة..
منها ما ينتهي في نصف ساعة.. منها في خمس دقائق.. أو حتى لثواني..
فهل ترى أن هذه الشهوة تستحق مرورك - ولو مرور - في نار جهنم!!!
لن أجاوب.. سأترك لك التعليق والإجابة.
وفقني الله وإياك لما يحب ويرضى ونجانا بعفوه وكرمه من أليم عقابه وعظيم سخطه.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تقبلوا فائق الاحترام..
م ن ق و ل
فما هي هذه النار؟ وما صفتها؟
يا الله!.. ما أشد هذه الصفات.. اللهم سلم..
أتعلم أخي ما هو غذاء الكافر في جهنم؟ أو لنقل.. ما هو الشيء الذي يرغم عليه الكافر للدخول إلى جوفه في جهنم؟
يأكلون من شجرة الزقوم.. ويشربون من الحميم ومن صداهم..
وما شجرة الزقوم؟
” إن شجرة الزقوم طعام الأثيم “
وفي الاسراء ” والشجرة الملعونة في القرآن “
وفي الصافات ” أذلك خير نزلاً أم شجرة الزقوم إنّا جعلناها فتنة للظالمين إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رؤوس الشياطين “
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره على آية الاسراء:
وأما الشجرة الملعونة في القرآن فهي الزقوم كما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى الجنة والنار، ورأى شجرة الزقوم فكذبوا بذلك حتى قال أبو جهل عليه لعائن الله: هاتوا تمراً وزبداً وجعل يأكل من هذا ويقول: تزقموا فلا نعلم الزقوم غير هذا .*
* فتاوى اللجنة الدائمة 4/246
قال الواحدي عن شجرة الزقوم: هو شي مر, كريه يكره أهل النار على تناوله , فهم يتزقمونه,
أي يبلعونه, بصعوبة لكراهيتها ونتـــــــنها…….
وأختلف فيها هل هي من شجر الدنيا التى يعرفها العرب أم لا …..على قولين…
القول الأول:
أ) أنها معروفـــــــة من شجر الدنيا ..
فقال قطرب: أنها شجرة
مرة توجد بتهامة , وهي من أخبث الشجر .
ب) وقال غيره بل هو كل نبات قاتـــــــــــل………
والقول التاني:
انها غير معروفة في شجر الدنيا….
قال قتادة : لما ذكر الله هذه الشجرة افتتن بها الظــــــلمة , فقالوا : كيف
تكون في النار شجرة فأنزل الله تعالى( إنا جعلناها فتنه للظالمين..)
وقيل معنى جعلها فتنه لهم : أنها محنة لهم لكونهم يعذبون بها…والمراد
بالظالمين هنا ….الكفار أو أهل المعاصي الموجبـــة للنار.
أوصاف هذه الشجــــــرة رداً على منكريها………
قال تعالى: ( إنما شجرة تخرج في أصل الجحيم )
أي في قعرها
قال الحسن أصلها في قعــــــــر الجحيم….وأغصانها ترفع إلى دركاتها..
ثم قوله عز وجل: ( طلعها كأنه رءوس الشياطيـــــــــــن)
أي ثمرها وما تحمله كأنه في تناهي قبحه وشناعته منظرة رءوس الشياطين……….
وقيل رءوس الشياطين إسم لنبات قبيح معروف باليمن يقال له الاستن….
وقيل ايضا…. في رءوس الشياطين …هو شجر خشن منتن , مــــر, منكر الصورة
يسمــــى رؤس الشياطين……….
وقال صلى الله عليه وسلم: { لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن يكون طعامه } [رواه الترمذي وقال حسن صحيح].
وقال المفسرون: إن شجرة الزقوم تحيا بلهب النار كما تحيا الشجرة ببرد الماء، فلا بد لأهل النار من أن يتحدر إليها من كان فيوقها فيأكلوا منها.
وقوله تعالى: ” هذا فليذوقوه حميم وغساق “.
وقيل الغساق: القيح الغليظ المنتن.
وذكر ابن وهب، عن عبد الله بن عمر، قال الغساق: القيح الغليظ، لو أن قطرة منه تهراق في المغرب أنتنت أهل المشرق، ولو أنها تهراق في المشرق أنتنت أهل المغرب.
وقيل: الغساق الذي لا يستطاع من شدة برده ، وهو الزمهرير.
وقال كعب: الغساق عين في جهنم يسيل إليها حمة كل ذات حمة فتستنقع، ويؤتى بالآدمي فيغمس فيها غمسة فيسقط جلده ولحمه عن العظام، فيجر لحمه في كعبيه كما يجر الرجل ثوبه. قوله ” جزاءً وفاقاً ؟ أي وفاق أعمالهم الخبيثة.
وأهل النار في عذاب دائم، لا راحة ولا نوم، ولا قرار لهم، بل من عذاب إلى عذاب قال : { إن أهون أهل النار عذاباً من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ما يرى أن أحداً أشد منه عذاباً وإنه لأهونهم عذاباً } [رواه مسلم].
وهم مع ذلك يتمنون الموت فلا يموتون! قد اسودت وجوههم، وأُعميت أبصارهم وأبكمت ألسنتهم، وقصمت ظهورهم وكسرت عظامهم يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ [المائدة:37]. كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ [النساء:56].
قال ابن مبارك: وحدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة: فذكره عن أبي أيوب عن عبدالله بن عمرو بن العاص: إن أهل جهنم يدعون مالكاً فلا يجيبهم أرعبين عاماُ ثم يرد عليهم ” إنكم ماكثون “.
لباس أهل النار
يقول الحسن: ( تنضجهم في اليوم سبعين ألف مرة ).
لباس أهلها من نار، سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ [إبراهيم:50] وشرابهم وطعامهم من نار وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ [محمد:15].
قال ابن الجوزي في وصف النار: ( هي دار خص أهلها بالبعاد، وحرموا لذة المنى والاسعاد، بُدلت وضاءة وجوههم بالسواد، وضربوا بمقامع أقوى من الأطواد، عليها ملائكة غلاظ شداد، لو رأيتهم في الحميم يسرحون وعلى الزمهرير يطرحون، فحزنُهم دائم فلا يفرحون، مقامهم دائم فلا يبرحون أبد الآباد، عليها ملائكة غلاظ شداد، توبيخهم أعظم من العذاب، تأسفهم أقوى من المصاب، يبكون على تضييع أوقات الشباب وكلما جاد البكاء زاد، عليها ملائكة غلاظ شداد، يا حسرتهم لغضب الخالق، يا محنتهم لعظم البوائق، يا فضيحتهم بين الخلائق، أين كسبهم للحطام؟ أين سعيهم في اللآثام؟ أين تتبعهم لزلات الأنام؟ كأنه أضغاث أحلام، ثم أحرقت تلك الأجساد، وكلما أحرقت تعاد، عليها ملائكة غلاظ شداد ) أ. هـ.
اللهم سلم سلم.. اللهم إنا نعوذ بك من النار ومن حرها ولهيبها ومقذفاتها وعذابها..
سلاسل أهل النار
ولا تسأل أخي عما يعانونه من ثقل السلاسل والأغلال “إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ “[غافر:71]، وقال تعالى: ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ [الحاقة:32].
أخبرنا بكار بن عبد الله أنه سمع أبي مليكة يحدث عن أبي بن كعب قال: إن حلقة من السلسلة التي قال الله : ” ذرعها سبعون ذراعاً ” إن حلقة منها مثل جميع حديد الدنيا.
سمعت سفيان يقول في قوله: ” فاسلكوه ” قال: بلغنا أنها تدخل في دبره حتى تخرج من فيه.
ويقال: إن الحلقة من غل أهل جهنم لو ألقيت على أعظم جبل في الدنيا لهدته.
أخي الحبيب..
انظر إلى تفسير قول الله تعالى: ” يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ” [الرحمن:44]
وما تحمله من معاني وكلمات تبكي لها الأعين..
تصور نفسك وقد طال فيها مكثك، فبلغت غاية الكرب، واشتد بك العطش فذكرت الشراب في الدنيا ففزعت إلى الحميم فتناولت الإناء من يد الخازن الموكل بعذابك فلما أخذته نشت كفك من تحته، وتفسخت لحرارته، ثم قربته إلى فيك فشوى وجهك، ثم تجرعته فسلخ حلقك ثم وصل إلى جوفك فقطع أمعاءك، فناديت بالويل والثبور وذكرت شراب الدنيا وبرده ولذته وتحسرت عليه، ثم آلمك الحريق فبادرت إلى حياض الحميم لتبرد فيها كما تعودت في الدنيا الاغتسال والانغماس في الماء إذا اشتد عليك الحر، فلما انغمست في الحميم تسلخ لحمك، من رأسك إلى قدميك، فبادرت إلى النار رجاء أن تكون هي أهون عليك ثم اشتد عليك حريق النار فرجعت إلى الحميم فأنت هكذا تطوف بينها وبين حميم آن وذلك مصداقاً لقول مولاك جل وعلا: “يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ” [الرحمن:44].
فتطلب الراحة بين الحميم وبين النار، فلا راحة ولا سكون أبداً.
اللهم سلم سلم.. اللهم إنا نعوذ بك من النار ومن حرها ولهيبها ومقذفاتها وعذابها..
فلما اشتد بك الكرب والعطش وبلغ منك المجهود ذكرت الجنان فهاجت غصة من فؤادك إلى حلقك أسفاً على جوار الله عز وجل وحزناً على نعيم الجنة الذي أضعته بنفسك بسبب الذنوب والمعاصي، ففزعت إلى الله بالنداء بأن يردك إلى الدنيا لتعمل صالحاً فمكث عنك دهراً طويلاً لا يجيبك هواناً بك، ثم ناداك بعد ذلك بالخيبة منه أن ” اخْسَؤُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ” [المؤمنون:108]
ثم أراد أن يزيدك إياساً وحسرة فأطبق أبواب النار عليك وعلى أعدائه فيها فيا إياسك ويا إياس سكان جهنم حين سمعوا وقع أبوابها تطبق عليهم، فعلموا عند ذلك أن الله عز وجل إنما أطبقها لئلا يخرج منها أحد أبداً، فتقطعت قلوبهم إياساً وانقطع الرجاء منهم أن لا فرج أبداً، ولا مخرج منها، ولا محيص من عذاب الله عز وجل أبداً، خلودٌ فلا موت. وعذابٌ لا زوال له عن أبدانهم، وأحزان لا تنقضي، وسقم لا يبرأ، وقيود لا تحل، وأغلال لا تفك أبداً وعطش لا يروون بعده أبداً، لا يُرحم بكاؤهم، ولا يُجاب دعاؤهم، ولا تقبل توبتهم فهم في عذاب دائم وهوان لا ينقطع، ثم يبعث الله بعد ذلك الملائكة بأطباق من نار ومسامير من نار، وعمد من نار، فتطبق عليهم بتلك الأطباق وتشد بتلك المسامير، وتمد بتلك العمد، فلا يبقى فيها خلل يدخل فيها روح ولا يخرج منه غم، وينساهم الرحمن بعد ذلك نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ [التوبة:67]
فذلك قوله تعالى: “إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ ( فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ ” [الهمزة:9،8]
ينادون الله ويدعونه ليخفف عنهم هذا العذاب فيجيبهم بعد مدة ” اخْسَؤُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ” [المؤمنون:108].
قال الحسن: ( هذا هو آخر كلام يتكلم به أهل النار وما بعد ذلك إلا الزفير والشهيق وعواء كعواء الكلاب… )،
فما أشقى والله هذه الحياة وما أشقى أصحابها - نسأل الله أن لا نكون منهم - وما أعظمها والله من خسارة لا تجبر أبداً، ويا حسرة والله على عقول تسمع بكل هذا العذاب وهذا الشقاء وتؤمن به ثم لا تبالي به ولا تهرب عنه بل تسعى اليه برضاها واختيارها. فلا حول ولا قوة الا بالله.
صفة جهنم وحرها وشدة عذابها..
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت .. ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت .. ثم أقود عليها ألف سنة فاسودت فهي مظلمة كسواد الليل “.
قال ابن مبارك: أخبرنا سفيان عن سلمان عن أبي ظبيان عن سلمان قال: ” النار سوداء لا يضيء لهبها ولا جمرها” ثم قرأ ” كلما أرادو أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها “.
وروى أبو هدبة إبراهيم قال، حدثنا أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لو أن جهنمياً من أهل جهنم أخرج كفه إلى أهل الدنيا حتى يبصروها لأحرقت الدنيا من حرها …
ولو أن خازناً من خزنة جهنم خرج إلى أهل الدنيا حتى يبصروه لما أهل الدنيا حين يبصرونه من غضب الله تعالى “
وخرّج البزار في مسنده عن أبي هريرة قال في مسنده قال: قال صلى الله عليه وسلم :” لو كان في المسجد مئة ألف أو يزيدون ثم تنفس رجل من أهل النار لأحرقهم “.
ويروى أن لهب النار يرفع أهل النار حتى يطيروا كما يطير الشرر، فإذا رفعهم أشرفوا على أهل الجنة وبينهم حجاب، فينادي أصحاب الجنة أصحاب النار ” أن قد ما وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً “
وينادي أصحاب النار أصحاب الجنة حين يروا الأنهار تطرد بينهم ” أن أفيضوا علينا من الماء ” فتردهم ملائكة العذاب بمقامع الحديد إلى قعر النار.
قال بعض المفسرين : هو معنى قول الله تعالى ” كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها “.
أخي الحبيب..
تأمل معي هذه الصــــــــــــــــــــــــــــــور التالية:
نتــــــــــــــــــــــــابع
أخي الحبيب.. إليك حديثاً حين قرأته للمرة الأولى اقشر جسدي.. تعوذ بالله من النار ثم اقرأه..
ابن مبارك، قال: أخبرنا رجل عن منصور عن مجاهد عن يزيد بن شجرة قال: وكان معاولة بعثه على الجيوش، فلقي عدواً فرأى أصحابه فشلاً، فجمعهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:أما بعد، اذكروا نعمة الله عليكم. وذكر الحديث وفيه:
” فإنكم مكتوبون عند الله بأسمائكم وسماتكم، فإذا كان يوم القيامة قيل: يا فلان ها نورك، يا فلان لا نور لك، إن لجهنم ساحلاً كساحل البحر فيه هوام وحيات كالبخت، وعقارب كالبغال الدهم، فإذا استغاث أهل النار قالوا: الساحل!
فإذا ألقوا فيه سلطت عليهم تلك الهوام، فتأخذ شفار أعينهم وشفاههم وما شاء الله منهم، تكشطها كشطاً، فيقولون : النار! النار !
فإذا ألقوا فيها سلط الله عليهم الجرب، فيحك أحدهم جسده حتى يبدو عظمه، وإن جلد أحدهم لأربعون ذراعاً، قال: يا فلان، هل تجد هذا يؤذيك؟ فيقول: وأي شيء أشد من هذا؟ فيقال: هذا بما كنت تؤذي المؤمنين”.
أخي الحبيب..
ثم تأمل معي آثارها على البشر:
واذكر قول رسولك الكريم: { ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم }، قالوا: والله إن كانت لكافية يا رسول الله، قال: { فإنها فُضلت عليها بتسعة وستين جزءاً كلهن مثل حرها } [متفق عليه].
وسئل ابن عباس عن نار الدنيا مما خلقت؟ قال: من نار جهنم غير أنها أطفئت بالماء سبعين مرة، ولولا ذلك ما قربت، لأنها من نار جهنم.
همسه :
قوله صلى الله عليه وسلم في “ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم “.
يعني أنه لو جمع كل ما في الوجود من النار التي يوقدها ابن آدم لكانت جزءاً من جزءاً من أجزاء جهنم المذكور..
أي أنه لو جمع حطب الدنيا فأوقد كله حتى صار ناراً، لكان الجزء الواحد من أجزاء نار جهنم الذي هو من سبعين جزءاً أشد من حر نار الدنيا.. كما بين في الحديث السابق.
أخي الحبيب.. هذه تجربة نظرية فقط لمعرفة شدة عذاب جهنم.. والتي لا يعرف شدتها إلا الله..
إليك بالطريقة العملية..
أحضر - ولاعة -.. كل ما عليك فعله هو إشعالها ووضع اصبع السبابة فوقها لأطول فترة تستطيع تحملها..
ولتكن خمس ثواني مثلاً .. ولو أنه زمن طويل جداً لمثل هذه التجربة..
حين تنتهي من هذه التجربة.. أخبرني كم قضيت من الأسابيع وأنت تعالج هذا الحرق الذي أقلقك وأرقكك طوال الليل، ولم تستطع أن تهنأ بالنهار والألم يزحف إلى جسدك كله..
وهذا كله من ماذا؟
من حرق بسيط فقط في جزء صغير من جسدك..
فما بالك لو كانت النار في وجهك؟
أو في صدرك؟
وما تقول إذاً لو كانت النار تغمر جسدك غمراً!!!
وسأعيد عليك قول رسولك الحبيب : { ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم }، قالوا: والله إن كانت لكافية يا رسول الله، قال: { فإنها فُضلت عليها بتسعة وستين جزءاً كلهن مثل حرها } [متفق عليه].
اللهم سلم سلم.. اللهم إنا نعوذ بك من النار ومن حرها ولهيبها ومقذفاتها وعذابها..
فيا أخي الحبيب:
يا من تعصي الله تصور نفسك لو كنت من أهل النار؟ هل سترضى بشيء من هذا العذاب؟ لا أعتقد ذلك، إذاً فتب إلى الله وارجع عما يكرهه وتقرب إليه بالأعمال الصالحة عسى أن يرضى عنك، وابك من خشيته عسى أن يرحمك ويقيل عثراتك، فإن الخطر عظيم والبدن ضعيف، والموت منك قريب، والله جل جلاله مطلع عليك ويراك فاستح منه وأجله ولا تستخف بنظره إليك، ولا تستهين بمعصيته ولا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من تعصيه وهو الله جل جلاله وتقدست أسماؤه، واملأ قلبك من خشيته قبل أن يأخذك بغتة، ولا تتعرض له وتبارزه بالمعاصي فإنك لا طاقة لك بغضبه ولا قوة لك بعذابه، ولا صبر لك على عقابه، فتدارك نفسك قبل لقائه لعله أن يرحمك ويتجاوز عنك، فكأنك بالموت قد نزل بك وحينها لا ينفعك ندم ولا استدراك ما مضى.
واسمح لي بطرح سؤال في نهاية الموضوع:
هل تستحق شهوة ساعة هذا العذاب!!!
في حين اننا اخذنا في عين اعتبارنا أطول مدة للشهوة وهي ساعة..
منها ما ينتهي في نصف ساعة.. منها في خمس دقائق.. أو حتى لثواني..
فهل ترى أن هذه الشهوة تستحق مرورك - ولو مرور - في نار جهنم!!!
لن أجاوب.. سأترك لك التعليق والإجابة.
وفقني الله وإياك لما يحب ويرضى ونجانا بعفوه وكرمه من أليم عقابه وعظيم سخطه.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تقبلوا فائق الاحترام..
م ن ق و ل